كل ما تحتاج معرفته عن التهاب الكبد

التهاب الكبد: الأسباب والأعراض والعلاج

مقدمة

يعد التهاب الكبد من الأمراض الشائعة التي تؤثر على صحة الكبد، وهو عضو حيوي في الجسم مسؤول عن معالجة العناصر الغذائية والسموم التي تدخل إليه. يعد الكبد جزءاً أساسياً في عملية الهضم والتنقية، حيث يعمل على تخزين الفيتامينات والمعادن، بالإضافة إلى إنتاج البروتينات الضرورية لبناء الأنسجة. في ظل هذه الأهمية، فإن أي خلل في وظائف الكبد قد يؤدي إلى مضاعفات صحية خطيرة.

التهاب الكبد هو حالة طبية تحدث عندما يلتهب الكبد، مما يؤدي إلى تضرر خلاياه، وقد يكون هذا الالتهاب نتيجة لعدة أسباب، تتراوح من العدوى الفيروسية إلى تأثيرات الأدوية أو الإدمان على الكحول. في هذا المقال، سنستعرض أسباب التهاب الكبد وأعراضه المختلفة، بالإضافة إلى طرق تشخيصه والعلاج المتاح.

أنواع التهاب الكبد

هناك عدة أنواع من التهاب الكبد، ولكل نوع خصائصه وأسبابه التي قد تختلف عن الأنواع الأخرى. تنقسم التهابات الكبد بشكل رئيسي إلى:

1. التهاب الكبد الفيروسي

• التهاب الكبد A: يحدث بسبب تناول الطعام أو الماء الملوث. هذا النوع من التهاب الكبد عادة ما يكون غير مزمن، ويختفي من الجسم بعد فترة قصيرة. إلا أن الإصابة قد تكون شديدة في بعض الحالات.

• التهاب الكبد B: ينتقل من خلال الدم أو السوائل الجسدية، مثل ممارسة الجنس غير المحمي أو استخدام الإبر المشتركة. قد يصبح التهاب الكبد B مزمناً، مما يسبب مضاعفات مثل التليف الكبدي وسرطان الكبد.

• التهاب الكبد C: يعد من أكثر أنواع التهاب الكبد التي تتحول إلى حالة مزمنة. ينتقل التهاب الكبد C بشكل رئيسي عبر الدم الملوث. ويعد من أكثر الأسباب التي تؤدي إلى تليف الكبد وسرطان الكبد.

• التهاب الكبد D: يحدث فقط في الأشخاص المصابين بالفعل بالتهاب الكبد B. ويعد من أخطر أنواع التهاب الكبد حيث يتسبب في تفاقم الأعراض بشكل كبير.

• التهاب الكبد E: يعد الأقل شيوعاً من بين أنواع التهاب الكبد الفيروسي، وينتقل عادة عن طريق المياه الملوثة.

2. التهاب الكبد الناتج عن الأدوية والكحول

• يمكن أن يتسبب تعاطي بعض الأدوية أو الكحول بشكل مفرط في التهاب الكبد. المواد السامة التي يتم امتصاصها بواسطة الكبد قد تضر به، مما يؤدي إلى الالتهاب. هذا النوع من التهاب الكبد يسمى التهاب الكبد السام.

3. التهاب الكبد المناعي

• يحدث عندما يهاجم الجهاز المناعي خلايا الكبد عن طريق الخطأ. يعتبر هذا النوع من التهابات الكبد ناتجاً عن اضطرابات المناعة الذاتية مثل التهاب الكبد المناعي الذاتي.

4. التهاب الكبد بسبب أمراض أخرى

• بعض الأمراض المزمنة مثل مرض السكري أو السمنة يمكن أن تؤدي إلى التهاب الكبد، خاصة في حال وجود تراكم للدهون في خلايا الكبد، مما يؤدي إلى مرض الكبد الدهني غير الكحولي.

أسباب التهاب الكبد

تتعدد أسباب التهاب الكبد وتختلف حسب النوع، ومن أبرز الأسباب:

1. العدوى الفيروسية

• فيروسات التهاب الكبد: كما ذكرنا، فإن الفيروسات هي العامل الأساسي في العديد من حالات التهاب الكبد، مثل الفيروسات A، B، C، D، وE.

• الفيروسات الأخرى: قد يؤدي فيروس آخر مثل فيروس نقص المناعة البشرية (HIV) إلى تضرر الكبد والتسبب في التهاب مزمن.

2. تعاطي المواد السامة

• الكحول: يعد تناول الكحول بكميات كبيرة من الأسباب الرئيسية التي تؤدي إلى التهاب الكبد. قد يتسبب الكحول في التهاب الكبد الكحولي الذي يمكن أن يتحول إلى تليف كبد، وهو حالة مرضية خطيرة.

• الأدوية السامة: بعض الأدوية يمكن أن تسبب تفاعلًا سامًا في الكبد، مما يؤدي إلى التهابه. من أشهر هذه الأدوية الأدوية المضادة للبكتيريا والمضادة للفطريات.

3. اضطرابات المناعة الذاتية

• يحدث التهاب الكبد المناعي عندما يهاجم جهاز المناعة خلايا الكبد، مما يؤدي إلى تدهور وظائف الكبد. هذه الحالات تتطلب علاجاً طويل الأمد.

4. الأمراض الأخرى

• مثل مرض السكري والسمنة، قد يؤدي تراكم الدهون في الكبد إلى التهاب الكبد الدهني غير الكحولي، الذي قد يسبب تلفاً طويل الأمد للكبد.

5. الوراثة

• في بعض الحالات، قد يكون التهاب الكبد ناتجًا عن عيوب وراثية تؤثر على الكبد، مثل التليف الكيسي.

أعراض التهاب الكبد

تتفاوت أعراض التهاب الكبد حسب نوع المرض وحدته. في بعض الحالات، قد لا تظهر أي أعراض على المصابين بالتهاب الكبد في مراحله المبكرة. لكن في حالات أخرى، قد تظهر أعراض واضحة تشير إلى الإصابة. من بين الأعراض الشائعة:

1. التعب المستمر

• يشعر المصاب بالتعب الشديد وعدم القدرة على أداء الأنشطة اليومية بشكل طبيعي.

2. اصفرار الجلد والعينين (اليرقان)

• يعد اليرقان من العلامات الواضحة التي تشير إلى تلف الكبد، ويحدث عندما يتراكم البيليروبين في الجسم نتيجة لتدهور وظائف الكبد.

3. ألم في الجزء العلوي من البطن

• قد يشعر المريض بألم أو ضغط في المنطقة التي تقع فيها الكبد، وهي منطقة الجزء العلوي الأيمن من البطن.

4. الغثيان والتقيؤ

• قد يعاني المصاب من اضطرابات هضمية، مثل الغثيان والتقيؤ، خاصة بعد تناول الطعام.

5. فقدان الشهية

• يعتبر فقدان الشهية من الأعراض الشائعة، مما يؤدي إلى خسارة الوزن.

6. البول الداكن والبراز الفاتح

• قد يصبح البول داكنًا في حالة التهاب الكبد، بينما يصبح البراز أفتح من المعتاد.

تشخيص التهاب الكبد

يتطلب تشخيص التهاب الكبد فحصًا دقيقًا لتحديد السبب وراء المرض وتحديد مدى تطوره. تشمل الخطوات الأساسية في التشخيص:

1. الفحص الطبي والتاريخ المرضي

• يبدأ الطبيب بسؤال المريض عن الأعراض ومدى تطورها، بالإضافة إلى أي تاريخ عائلي للمرض أو أي عوامل خطر محتملة مثل تعاطي الكحول أو تناول الأدوية.

2. التحاليل المخبرية

• اختبارات وظائف الكبد: تساعد هذه الاختبارات في قياس مستوى الإنزيمات الكبدية مثل AST و ALT، حيث يمكن أن تشير المستويات المرتفعة إلى التهاب الكبد.

• اختبارات الفيروسات: تشمل اختبارات للكشف عن وجود الفيروسات المسببة للالتهاب، مثل اختبار فيروس التهاب الكبد B أو C.

• اختبارات الأجسام المضادة: تساعد هذه الاختبارات في تحديد وجود أمراض المناعة الذاتية.

3. الفحوصات التصويرية

• قد يحتاج الطبيب إلى إجراء فحوصات مثل الألتراساوند (الموجات فوق الصوتية) أو الرنين المغناطيسي (MRI) لتقييم حالة الكبد وتحديد ما إذا كان هناك تليف أو أورام.

4. خزعة الكبد

• في بعض الحالات النادرة، قد يحتاج الطبيب إلى أخذ عينة من الكبد لفحصها تحت المجهر وتحديد نوع الالتهاب ومدى تضرر الكبد.

علاج التهاب الكبد

يعتمد علاج التهاب الكبد على السبب الرئيسي وراء المرض. يمكن أن تشمل الخيارات العلاجية ما يلي:

1. العلاج الفيروسي

• التهاب الكبد A: لا يوجد علاج محدد لهذا النوع من الالتهاب، حيث يختفي الفيروس عادة من الجسم خلال بضعة أسابيع. ينصح المرضى بالراحة والتغذية الجيدة.

• التهاب الكبد B و C: قد يتطلب العلاج مضادات الفيروسات، مثل الأدوية التي تمنع تكاثر الفيروسات. في بعض الحالات، قد يتم اللجوء إلى زراعة الكبد إذا تطور المرض إلى التليف الكبدي.

2. العلاج الدوائي

• في حالات التهاب الكبد المناعي، قد يصف الطبيب أدوية مثبطة للمناعة لتقليل نشاط الجهاز المناعي ضد الكبد.

3. العلاج الداعم

• في حالات التهاب الكبد الناجم عن الكحول أو الأدوية السامة، يجب التوقف عن تناول المواد المسببة للالتهاب. في بعض الحالات، قد يتطلب الأمر علاجًا للتسمم الكبدي.

4. زراعة الكبد

• في الحالات المتقدمة من التليف الكبدي أو سرطان الكبد، قد يكون العلاج الوحيد هو زراعة الكبد.

الوقاية من التهاب الكبد

لحماية نفسك من التهاب الكبد، يمكن اتخاذ عدة تدابير وقائية:

1. التطعيم: يمكن الوقاية من التهاب الكبد A و B من خلال اللقاحات.

2. الابتعاد عن الكحول: التقليل من استهلاك الكحول يمكن أن يساعد في تقليل خطر الإصابة بالتهاب الكبد الكحولي.

3. تجنب مشاركة الإبر: استخدام الإبر والحقن الشخصية يقلل من خطر الإصابة بالتهاب الكبد الفيروسي.